كتاب القانون الجنائي الخاص المعمق في شروح محمد أقبلي عابد العمراني
مقدمة
لقد ظهر هذا المبدأ بمجيء
الشريعة الإسلامية التي نصت عليه منذ نشأتها أما قبل هذا العهد فلم يكن من الممكن
الحديث مطلقا عن مبدأ الشرعية حيث كانت سلطة التجريم والعقاب بيد القاضي، إلا أن هذا المبدأ الأخير لم يعرف في القوانين الوضعية إلا
إبان الثورة الفرنسية
إن تجريم الأفعال والمعاقبة عليها من اخطر المسائل التي
تمارسها السلطة التشريعية بالنظر لمساس التجريم والعقاب بحرية الأفراد مساسا
ملحوظا حيث أن هذه الأخيرة ـ أي حرية الأفراد ـ تبقى مهددة إذا لم يكن هناك قانون
جنائي يرسم لهم حدود تصرفاتهم ويحدد لهم كل أنواع الأفعال الممنوع إتيانها بسبب ما
تحدثه من اضطراب اجتماعي.
ويكتسي مبدأ الشرعية أهمية بالغة سواء على الصعيد الدولي أو
الدستوري أو الإقليمي أو العملي فعلى المستوى الدولي نرى أن هناك كثير من
الاتفاقيات والبروتوكولات التي أكدت على أهمية هذا المبدأ حيث أن الدول تعتبره من
المبادئ الأساسية وتنص عليه في دساتيرها علاوة على الأهمية العملية التي يكتسيها
مبدأ الشرعية من حيث أنه ضمانة لحقوق الأفراد وللمجتمع أيضا، ففي ظل هذا المبدأ
يأمن الفرد جور السلطات العامة التي لا تستطيع أن تحاسبه إلا بموجب النص القانوني،
بعد أن تبين له ما هو المحظور عليه عمله وفي ذلك صيانة للحريات الفردية من تعسف
السلطات العامة.