جريمة الارهاب في التشريع المغربي طبيعته و الجرائم المرتبطة به و اركانه

 



جرائم الإرهاب

تعتبر ظاهرة الإرهاب ظاهرة كونية عابرة للقارات، حيث عانت وتعاني منها جل

الدول سابقا وفي وقتنا المعاصر لخطورتها التي لا تقاس فقط بصدد الضحايا الذين يسقطون

في مسرح العمليات الإرهابية أو بعدد مرتكبيها، وإنما بما تخلفه من خطر وخوف واكب في

نفوس أفراد البلد الذي وضعت فيه وكذا في نفوس كل أفراد المجتمع الدولي.

والإرهاب ليس ظاهرة جديدة، حيث كان حتى مطلع القرن العشرين إرهابا فرديا

يرتكب ضد الأخر في الصراع، أما الإرهاب اليوم فيسعى إلى تحقيق أهدافه على حساب

المواطنين العاديين في البلد والذي يمارس من خلال تنظيم إرهابي 1. وأمام هذا التحول

النوعي في طبيعة الإرهاب، ثار نقاشا بين التشريعات الجنائية الكفيلة بمواجهة ومكافحته

حول تصريفه إلى ثلاث اتجاهات الأول يأخذ بفكرة استحداث جريمة جديدة خاصة

بالإرهاب، بينما الثاني يأخذ بالمفهوم الغائي في تعريفها أي الغاية والهدف من ارتكاب

النشاط الإجرامي، أما الاتجاه الثالث فيأخذ بالفكرتين ويرى بأن جريمة الإرهاب تفسر

بفكرة استحداث جريمة جديدة خاصة بها، بالإضافة إلى التعويل إلى غاية وهدف الجاني من

النشاط الإجرامي تمهيدا لإخضاعه لقواعد المعاملة العقابية والإجرائية المسطرية الخاصة

بالإرهاب 2 .

والمشرع المغربي قد اعتمد الاتجاه التوفيقي في القانون الجديد رقم 03.03 الخاص

بمكافحة الإرهاب، ونظرا لأهميته فسنحاول تحديد طبيعته) المبحث الأول (والجرائم

المرتبطة به) المبحث الثاني (لنتناول في) المبحث الثالث (أركان جريمة الإرهاب

المبحث الأول :طبيعة جريمة الارهاب

إن التشريعات الجنائية الحديثة قد أخرجت من دائرة الجرائم السياسية ، جرائم

الإرهاب، واعتبرتها مجرد جرائم عادية، لكن بعض التوجه الفقهي يرى أن الإرهاب قد

ارتبط دائما بالعمل السياسي، لكنه جريمة سياسية من نوع خاص، حيث يميزها عنصر

العنف كأسلوب في الصراع السياسي بينما أعمال العنف التي يكون الغرض منها ليس

سياسيا 3 هذا لا يعد إرهابا لجريمة قائمة بذاتها.

وما يفسر موقف هذا التوجه الفقهي إتباع بعض التشريعات التي وضعت تشريعا

خاص بالإرهاب، لأسلوب إعادة النص على مجموعة من الجرائم منصوص على تجريمها

سلفا وفق التشريع الجنائي العام 4، إذا لم يكن ينتج عن اختلاف تكييف جريمة اختلاف في

النظام القانوني لها، بحسب ما إذا كانت تدخل في خانة جرائم الإرهاب أو وفقا للنصوص

الجنائية العادية. ولعل الخلط الذي وقع فيه الجميع، يمكن في هدف المشرع من إزاحة جميع

العراقيل التي تقف في وجه متابعة ومعاقبة المجرم الإرهابي، وإنكار الصفة السياسية

لجريمة الإرهاب حيث يتسنى محاكم المجرم الإرهابي  .

 

المبحث التاني : جرائم الإرهاب

 

تناول المشرع الجنائي جرائم الإرهاب في نصوص متممة لنصوص القانون

الجنائي المطبق، فاعتبر الأفعال إرهابية إذا كان لها علاقة عمدا بمشروع فردي أو

جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة وسائل تخويفية أو إرهابية أو عنف  .

وبالتالي فالأفعال التي تعتبر جرائم إرهابية كالتالي:

-1 الاعتداء عمدا على حياة الأشخاص أو على سلامتها أو على حرياتهم أو اختطافهم

 أو احتجازهم  

تزييف أو تزوير النقود أو سندات القرض العام أو تزييف أختام الدولة والدمغات

والطوابع والعلامات، أو التزوير أو التزييف المنصوص عليه في الفصول 360 و

361 و 362 من هذا القانون.

-3 التخريب أو التعييب أو الإتلاف

-4 تحويل الطائرات أو السفن أو أي وسيلة أخرى من وسائل النقل أو إتلافها أو إتلاف

منشآت الملاحة الجوية أو البحرية أو البرية أو تعيين أو تخريب أو إتلاف وسائل

الاتصال.

-5 السرقة وانتزاع الأموال.

-6 صنع أو حيازة أو نقل أو ترويج أو استعمال الأسلحة أو المتفجرات أو الذخيرة

خلاف لأحكام القانون.

-7 الجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات

-8 تزوير أو تزييف الشيكات أو أي وسيلة أداء أخرى المشار إليها على التوالي في

المادتين 316 و 331 من مدونة التجارة.

-9 تكوين عصابة أو اتفاق لأجل إعداد أو ارتكاب فعل من أفعال الإرهاب

-10 إخفاء الأشياء المتحصل عليها من جريمة إرهابية مع علمه بذلك.

بالإضافة إلى جرائم أخرى نص عليها المشرع في الفصول 2 / 218 3 / 218 ، 4 / 218 ،

5 / 218 و 6 / 218 ، بعضها مرتبط بأفعال الإرهاب، كالإشادة بأفعال تكون جريمة إرهابية

وإقناع الغير بارتكاب جريمة إرهابية، بينما يتعلق بعضها الآخر بتمويل أفعال إرهابية أو

تقديم كل أشكال المساعدة للإرهابيين، وآخيرا عدم التبليغ عن هذه الجرائم

المبحث الثالث: اركان الجريمة الإرهابية  

إن الأركان التي يتطلبها القانون في جريمة الإرهاب، هي نفسها التي تستجوبها الجرائم

العادية الأخرى، والتي تعتمد العنف كأحد عناصر ركنها المادي

المطلب الأول: الركن المادي

إن الركن المادي في جرائم الإرهاب، هو ماديتها أي كل ما يدخل في كيانها وتكون له

طبيعة مادية، حيث تلمسه الحواس، وبهذا فجرائم الإرهاب تدخل ضمن الجرائم المادية ذات

الضرر.

ويتضح ذلك من النصوص المجرمة لهذه الجريمة والتي نلاحظ أن المشرع لم يعمد إلى

خلق جريمة لها مميزاتها الخاصة من الناحية المادية، وإنما اعتمد إعادة النص على

مجموعة من الجرائم الموجودة سلفا، ثم أخضعتها لنظام قانوني صارم، عندما ترتكب بهدف

الإرهاب 8 .

وبهذا يكون المشرع قد أخضع جرائم معينة لتكيفين جنائيين ، فإذا ارتكبت هذه الأفعال

في ظروف عادية فتكيف بكونها جرائم عادية وإذا ارتكبت من أجل الترعيب و الترهيب

والتخويف فتكيف ضمن جرائم الإرهاب، وبالتالي فإنها تخضع لنفس الضوابط التي تخضع

لها الجرائم التي يدخل العنف في تكوين ركنها المادي.

وبما أن التكييف القانوني يقتضي تحديد الواقعة المكونة للركن المادي للجريمة أولا،

وبما أن أفعال العنف التي تشكل الركن المادي في جرائم الإرهاب لا تتمتع بخاصية معينة

تميزها عن باقي صور العنف في الجرائم العادية، فإن التكييف للأفعال يصعب تحديد

النظام القانوني الذي تخضع له ،هل تخضع للنظام القانوني العادي أم للنظام القانوني

الخاص بجرائم الإرهاب.

المطلب الثاني : الركن المعنوي

الإرهاب من الجرائم العمدية التي يتطلب لقيامها توافر القصد الجنائي، ومن ثم يجب

أن تتوجه إرادة الجاني إلى ارتكاب أحد الأفعال التي تشكل إحدى جرائم الإرهاب.

ونظرا لما تحدثه جرائم الإرهاب من اهتزاز للاستقرار السياسي وخلخلة هيئة

الدولة المرهبة، وإيجاد مناخ عام من الخوف الذي ينتج عنه اضطراب نفسي وطني أو

دولي، فإن المشرع الجنائي المغربي ميز صراحة بين جريمة الإرهاب والجرائم الأخرى،

باعتبار إرادة الجاني في إحداث التخويف أو الرعب في المجتمع.

هكذا نكون بصدد جريمة ذات طابع إرهابي إذا توفر شرطين:

.1 أن ترتكب الجرائم المشار إليها لتنفيذ مشروع إرهابي فردي أو جماعي

.2 أن يكون الدافع المس بالنظام العام عن طريق الرعب والخوف هو جوهر المشروع

الإرهابي سواء أكان فرديا أو جماعيا

 

 

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال