جريمة الرشوة في القانون الجنائي المغربي

 

 جرائم الإخلال بالثقة العامة

تمتاز الدولة الحديثة بكثرة وتعدد مهامها وتوسيع خدماتها، مما ألزمها زيادة عدد

الجهات التي يناط بها تأدية تلك المهام والخدمات وذلك بالاستعانة بمجموعة من الموظفين

الذين يقومون بهذه المهام في حدود قواعد يضعها القانون تحقيقا للمصلحة العامة، وحفاظا

على حقوق الأفراد والمساواة بينهم أمام القانون، وكل خروج عن هذه القواعد من طرف

الأشخاص الذين وكلوا بهذه المهام يؤدي إلى ضياع المصلحة التي أراد القانون حمايتها

الشيء الذي يترتب عليه اضطراب في نظام المجتمع.

وعليه فالأمر لا يعني عدم وقوع تلك التجاوزات أو المخالفات، لأنه مرتبط ببشرية

الإنسان، إلا أن هذه التجاوزات إذا لم تحدت اضطرابا في سير العمل بالمرفق الذي يعمل

به الموظف فهي تخضع للجزاءات الإدارية، إما إذا كانت المخالفات جسيمة أدت إلى

اضطرابات في نظام العمل ذاته.مما ينتج عنه تفشي الأمر إلى فساد الإدارة الحكومية في

هذه الحالة يتدخل المشرع الجنائي ليقرر عقوبات جنائية لزجر هذه الجرائم 9 .

وهذه الجرائم هي التي أطلق عليها المشرع الجنائي المغربي بالجرائم الماسة بالثقة العامة

والتي أدرجها في الكتاب الثالث من مدونة القانون الجنائي والتي قسمها إلى قسمين، الأول

يتناول الجرائم التي لا يرتكبها إلا الموظفون العموميون 10 ومن في حكمهم وتضم الرشوة

واستغلال النفوذ والاختلاس والغدر وغيرها، وهي الجرائم التي وصفها المشرع "بالجنايات

والجنح التي يرتكبها الموظفون ضد النظام العام". والثاني فهي الجرائم يرتكبها الموظف

وغير الموظف، وتضم جرائم التزوير والتزييف والانتحال.

ونظرا لما تشكل هذه الجرائم من خطورة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي

والاستقرار النفسي للأفراد، مع كثرة رواجها بالمحاكم الزجرية، سنخصص بالدراسة بعض

الجرائم حيث نتناول جريمة الرشوة )المبحث الأول(، وجريمة التزوير )المبحث الثاني(

لما تشكلانه مع الأسف من خطورة على المجتمع لكثرت تداولها، وشيوعها في الواقع

العملي.

المبحث الأول جريمة الرشوة

هذه الجريمة تندرج ضمن الجرائم التي سماها المشرع الجنائي التي يرتكبها

الموظفون ضد النظام العام 11 والرشوة هي اتجار الموظف ومن في حكمه بالوظيفة

الموكولة إليه، أو استغلال السلطات المخولة له بمقتضى تلك الوظيفة لحسابه الخاص، وذلك

حين يطلب لنفسه أو لغيره أو يقبل أو بأخذ وعدا أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته أو

يزعم أنه من أعمال وظيفته، أو للامتناع عن ذلك العمل أو للاختلال بواجبات الوظيفة 12 .

واعتبر التشريعات السماوية والوضعية هذه الجريمة داء خبيثا ومرضا مستعصيا إذا

ما هو انتشر في المجتمع، حيث يقضي على مبدأ المساواة بين المواطنين أما القانون بل

يؤدي إلى اقتضاء فكرة القانون ذاتها من المجتمع عند انتفاء العدالة كقيمة من الحكم

السامية، بالإضافة أنها تضعف بالثقة التي ينبغي أن تجمع المواطن بدولته ومرافقها.

أما المشرع الجنائي المغربي، فتناول تجريم هذه الجريمة طبقا للفصول من 248 إلى

256 من ق.ج، معتمدا منطق الثنائية في تجريمها حيث جريمة الراشي مستقلة عن جريمة

المرتشي، عكس المشرع المصري الذي نهج وحدة التجريم وذلك لسن جميع الثغرات التي

قد تسمح بالإفلات الجناة من العقاب. وهذا ما أكده قرار المجلس الأعلى الذي جاء فيه: )

تعد جريمة تقديم الرشوة مستقلة في عناصرها عن جريمة الارتشاء، فهي تقوم لمجرد توافر

القصد الجنائي....( 15 .

ولتقويض هذه الجريمة والقضاء عليها، خول المشرع للضحايا والشهود والخبراء

والمبلغين عنه مرتكبيها الحماية القانونية والتي صدرت التنصيص عليها في القانون المعزز

للترسنة القانونية الجنائية للظهير الشريف رقم 1.11.64 القاضي بتغيير وتتميم القانون

22.01 ....... أن حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين فيما خص جرائم الرشوة.

ومقابل هذه الحماية للمبلغ خص المشرع نصوص عقابية له إذا كان ما بلغ به كذب

وافتراء قائم على سوء النية )الفصلين 369 و 370 ق.ج(.هكذا سندرس الجريمة كما اعتدنا -

في الجرائم الأخرى من خلال أركانها الذالان والعقاب المخصص لها، فنخصص الركن

القانوني )المطلب الأول( والركن المادي )المطلب الثاني(، والركن المعنوي )المطلب

الثالث( أما المطلب الرابع فنتناول فيه العقاب المخصص لجريمة الرشوة.

المطلب الأول الركن القانوني

أضفى المشرع الصبغة الإجرامية على جريمة الرشوة بتخصيص لها نصوص

تشريعية إلا أنه فرق بين تجريم الرشوة التي يرتكبها الموظف العمومي أو ما كان في حكمه والتي أورد لها الفصلين 248 - 249 من ق.ج. وبين جرائم الرشوة التي يرتكبها غيرهم

)الراشي( والتي أورد لها الفصل 251 من ق.ج.

أما جريمة المرتشي فجاء الفصل 248 المعدل والمتمم بالقانون رقم 13.94 الصادر في

27 / 07 / 2013 ينص عليها بما يلي:

) يعد مرتكبا لجريمة الرشوة ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس وبغرامة من خمسة

آلاف إلى مائة ألف درهم من طلب أو قبل عرضا أو وعدا أو طلب أو تسلم هبة أو هدية أو

أية فائدة أخرى من أجل:

.1 القيام بعمل من أعمال وظيفية بصفته قاضيا أو موظفا عموميا أو متوليا مركز نيابيا

أو الامتناع عن هذا العمل، سواء كان عملا مشروعا أو غير مشروع، طالما أنه

غير مشروط بأجل أو كذلك القيام أو الامتناع عن أي عمل ولو أنه خارج عن

اختصاصاته الشخصية إلا أنه وظيفته سهلته أو كان من الممكن أن تسهله.

.2 إصدار قرار أو إبداء رأي لمصلحة شخص أو ضده، وذلك بصفته حكما أو خبيرا

عينته السلطة الإدارية أو القضائية أو اختاره الأطراف.

.3 الانحياز لصالح أحد الأطراف أو ضده، وذلك بصفته أحد رجال القضاء أو الأعضاء

المحلفين أو أحد أعضاء هيئة المحكمة.

.4 إعطاء شهادة كاذبة بوجود أو عدم وجود مرض أو عاهة أو حالة حمل أو تقديم

بيانات كاذبة عن أصل مرض أو عاهدة أو عن سبب وفاة وذلك بصفته طبيا أو

جراحا أو طبيب أسنان أو مولدة.

إذا كانت قيمة الرشوة تفوق مائة درهم تكون العقوبة السجن من خمس سنوات إلى

عشر سنوات والغرامة من مائة ألف درهم إلى مليون درهم، دون أن تقل قيمتها عن قيمة

الرشوة المقدمة أو المعروضة(.

أما الفصل 249 من ق.ج والمعدل والمتمم بدوره بنفس القانون فجاء ينص على:" )

يعد مرتكبا لجريمة الرشوة، ويعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة من خمسة

12

آلاف درهم إلى مائة ألف درهم، كل عامل أو مستخدم أو موكل بأجل أو بقابل، أو خصما

أو مكافأة، مباشرة أو عن طريق وسيط.

دون موافقة مخدومة ودون عليه، وذلك من اجل القيام بعمل أو الامتناع عن عمل

من أعمال خدمته أو عمل خارج عن اختصاصاته الشخصية ولكن خدمته سهلة أو كان من

الممكن أو تسهله.

إذا كانت قيمة الرشوة تفوق مائة ألف درهم تكون عقوبة السجن من خمس سنوات

إلى عشر سنوات، والغرامة من مائة ألف درهم إلى مليون درهم، دون أن تقل قيمتها عن

قيمة الرشوة المقدمة أو المعروضة(.

من خلال هذين النصين نستنتج أن جريمة المرتشي من جرائم"الصفة بحيث لا

يمكن ارتكابها قانونا إلا من طرف طوائف من الأشخاص أتى على ذكرهم المشرع في

الفصلين السابقين 16 .

كما أن الصفة لا تكفي لقيام جريمة الرشوة بل لابد أن يكون الفاعل على مختصا

بالعمل أو الامتناع الذي أخذ عنه المقابل وأن تكون وظيفته هي التي سهلت له القيام أو

كانت من المكن أن تسهل له ارتكاب الرشوة.

أما بالنسبة لجريمة الراشي فنص عليها المشرع في الفصل 251 من ق.ج الذي جاء

فيه:" من استعمل عنفا أو تهديدا أو قدم وعدا أو عرضا أو هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى

لكي يحصل على القيام بعمل أو الامتناع عن عمل، أو على مزية أو فائدة مما أشير غليه

في الفصول 243 إلى 250 ، وذلك من استجاب لطلب رشوة ولو بدون أي اقتراح من جانبه

يعاقب بنفس العقوبات المقررة تلك الفصول سواء أكان لإكراه أو للرشوة نتيجة أم لا".

هكذا نلاحظ أن جريمة الراشي مستقلة عن جريمة المرتشي، وان المشرع قد جرم

جريمة الرشوة بثنائية، فالراشي يدان أو يبرأ باستقلال عن الموظف العمومي.

المطلب الثاني  الركن المادي

إن جريمة الرشوة من جرائم الخطر، فلا يلزم لقيام ركنها المادي توافر العناصر

الثلاثة المستلزم توافرها في جرائم النتيجة )النشاط الإجرامي، النتيجة والعلاقة السببية

بينهما(، وبالتالي فالركن المادي لهذه الجريمة يتمثل في نشاط إجرامي يصدر عن موظف

عام مختص وينصب على هدية أو وعد بها أو أية منفعة أخرى يتسلمها من صاحب

المصلحة أو الحاجة نظير قيامه بعمل أو الامتناع عن القيام بعمل من أعمال وظيفته.

وبما أن المشرع المغربي قد فصل بين جريمة المرتشي وجريمة الراشي فإننا سنحاول

دراسة الركن المادي لكل واحد منهما من خلال البنود التالية

البند الأول :في جريمة المرتشي

يتحقق الركن المادي لجريمة الرشوة بالنسبة للمرتشي كما جاء في الفصلين 248 و

249 من ق.ج في الصور الفعل المادي والذي يقوم به المرتشي في طلب عرض أو طلب

وعدا أو طلب هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى، ثم قبول العرض أو وعد أو تسلم الهبة أو

الهدية أو أية فائدة أخرى ويكفي القيام بأي من هذه الأفعال لتحقق جريمة الرشوة، وسنعالج

هذه الصور فيما يلي:

الفقرة الأولى الطلب

أولا :طلب العرض

هو أكثر صور جريمة الرشوة بالنسبة للمرتشي رواجا، حيث يطلب الموظف أو من

في حكمه ما من أجل قيامه بعمل أو امتناع يدخل في اختصاصه، أو تكون وظيفته سهلته

له.

وهي تقوم بمجرد حصول الطلب من جانب الموظف مقابل القيام بعمل أو الامتناع

عنه ولو رفض صاحب الحاجة الاستجابة لطلبه 18 ، ولا يهم أن يكون الموظف قد طلب

المنفعة لنفسه أو لغيره كما لا يهم أن يرد الطلب على منفعة معروضة أو ينصرف على

مجرد الوعد بها ولو لم يحصل عليها الموظف بالفعل.

والعلة من تجريم هذا الطلب هي أن الموظف عرض عمله الوظيفي للاتجار،

والمشرع هنا لم يفرق بين عرض للاتجار والاتجار الفعلي والطلب بهذا الشكل يعتبر أدنى

مراحل ارتكاب جريمة الرشوة، لأنه بعد تلبية الطلب قد يقنع المرتشي بعرض الراشي،

وبما اقترن به من شروط وقد لا يوافق عليه فيستمر التفاوض إلى أن يتم الاتفاق على

المقابل من حيث المقدار والنوع وكيفية القبض وزمانه وغير ذلك

تانيا :طلب وعد

قد يتخذ هذا الطلب صورة طلب الوعد بمقابل، والموظف هو الذي يحدد هذا المقابل،

كان يطلب المرتشي من الراشي أن يحدد له مبلغا معينا من المال، أو بتقديم مساعدة معينة

كالوعد بوظيفة أفضل أو الحصول على امتيازات محددة وغير ذلك.

تالتا :طلب هبة

منصوص عليها في الفصل 248 ق.ج وهي طلب هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى،

وهذه الصورة في جريمة الرشوة هي التي يطلق عليها )الرشوة المعجلة( وهي الصورة

الغالبة والعادية وصورتها أن المرتشي يتقاضى عادة ثمنا معجلا نظير قيامه بالعمل أو

الامتناع عنه، ويختلف طلب الهبة عن طلب العرض حيث أن المرتشي في الحالة الأولى،

يعين نوع الرشوة ووقت دفعها، في حين في الحالة الثانية لا يعينها.

الفقرة التانية : القبول

هو نشاط سلبي، يفترض أن يسبقه عرض للرشوة من صاحب الحاجة. وسواء كان

العرض جديا أو غير ذلك كأن ينوي الراشي تبليغ السلطات لضبط المرتشي متلبسا بجريمة

الرشوة. أما القبول فيجب أن يكون جديا من طرف المرتشي والذي يتحقق بصدور سلوك من الموظف بدل على قبوله المنفعة مقابل القيام بعمل أو الامتناع عنه، وسواء كانت القبول

صريحا أو ضمنيا أو كتابية أو شفاهة

الفقرة التانية :  التسليم

هذه الصورة هي من أخطر صور الركن المادي لجريمة الرشوة على الإطلاق لكون

الموظف فيها غالبا ما يشترط تسلم المقابل قبل انجازه للعمل أو الامتناع عنه. ويفهم من

لفظ التسليم هو أن يكون ما يحصل عليه الموظف كمقابل له طابع مادي كالنقود أو عيني

كالملابس والسهم.. إلخ. وقد يكون له طابع منفعة شخصية حينئذ يكون التسلم متحققا بمجرد

التمكن من المنفعة.

وقد يكون التسلم واقعا بعد انجاز العمل أو الامتناع عنه، كما يمكن أن يصل من

الراشي نفسه أو عن طريق وسيط الذي تم تكييفه على أنه مشترك في جريمة الرشوة طبقا

لأحكام الفصل 129 من ق.ج .

كما أن المكافأة التي يتسلمها الموظف بعد إتمام عمله على أنها عطية أو هدية دون

اتفاق مسبق لا تعتبر جريمة رشوة ولا يسري عليها أحكامها، وإن كان من الفقهاء 21 من

يعتبرها وسيلة لإفلات الكثير من المرتشين من العقاب. وهذا ما أكد. قرار المجس الأعلى

والذي مفاده أن الرشوة لا تقوم إذا ثبت أن المتهم تسلم عطية ما بعد إتمامه لعمله دون اتفاق

مسبق 22 .

وخلاصة القول فالركن المادي في جريمة المرتشي تتحقق في الصورة السابقة والتي

نجملها كما جاء في الفصول المجرمة لها، أن بطلب المرتشي )الموظف( أو يقبل عرضا أو

وعدا، أو أن يطلب أو يتسلم هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى من أجل القيام بعمل أو الامتناع

عنه

البند التاني : في جريمة الراشي

الركن المادي لهذه الجريمة يتخذ ثلاث صور: استعمال العنف أو التهديد تقديم

الوعد أو العرض ثم لاستجابة لطلب الرشوة وهي التي نص عليها المشرع في الفصل 251

من ق.ج. وندرس هذه الصور من خلال النقط التالية.

النقطة الأولى : استعمال العنف او التهديد

هذه الصورة تتحقق عندما يكره الراشي الموظف العمومي على مخالفة واجبات

وظيفته والاتجار بها، كتهديده، بحرق ممتلكاته أو قتل زوجته أو أولاد.

المشرع لم يحدد وسائل العنف أو التهديد ولا درجتهما في هذه الصورة، حيث إن

الركن المادي يتحقق بمجرد وجود إكراه مستعمل على الموظف يحمله على القيام بعمل أو

الامتناع عنه يدخل في إطار وظيفته ماديا كان أو معنويا لصالح الراشي.

أما إذا أكره الموظف على القيام بعمل أو الامتناع عنه لا يدخل في اختصاص

فالجريمة لا تقوم، كما أن الوسائل المستعمل في الإكراه يجب أن تكون غير مشروعة كقتل

الولد أو الزوج... إلخ، أما إذا كان الإكراه مشروع كاشتكاء الموظف لرؤسائه ... إلخ،

فالركن المادي لا يقوم في هذه الجريمة.

ونورد أخيرا أن بعض الفقه يرى بان هذه الصورة قد أقحمها المشرع في الجريمة،

وكان عليه أن يدرجها ضمن الجنايات والجنح التي يرتكبها الأفراد ضد النظام العام، والتي

يعاقب عليها المشرع طبقا للفصول 263 - 267 من ق.ج والمتعلقة بإهانة موظف عمومي

والاعتداء عليه، أو الفصول 425 - 429 من ق.ج الخاصة، التهديد. وعلى أي فقد أبانت

الممارسة بأن هذه الصورة من الرشوة هي نادرة، فالتهديدات إذا ما وجدت تمتزج غالبا

بعروض أو وعود

النقطة التانية : تقديم عرض او وعد

يكفي في هذه الصورة التي يتحقق بها الركن المادي، بأن يقدم الراشي للموظف

العمومي عرضا أو وعدا من أجل الاتجار بوظيفته، وهذا التقديم للعرض أو الوعد من

طرف الراشي يكون كافية لإدانته سواء قبل الموظف المختص بالعمل أو الامتناع أو امتنع

أو رفض، شريطة أن يكون العرض أو الوعد جديا ويهدف ورائه الحصول على مصلحة

معينة. أما إذا كان هدف العارض كشف الموظف أمام الشرطة متلبسا فإن الركن المادي لا

يقوم وبالتالي لا تتحقق الجريمة.

الفقرة التانية :الاستجابة لطلب الرشوة

هذه الصورة هي عكس الصورة السابقة، حيث أن الراشي لم يقم بتقديم عرض أو

وعد للموظف لإغرائه للاتجار بوظيفته وإنما استجاب لطلب الرشوة من طرف الموظف

وساعده على الاتجار بالوظيفة.

المطلب التالت : الركن المعنوي

الرشوة من الجرائم العمدية التي تستلزم توافر القصد الجنائي القائم على توجه النية

الإجرامية لدى الجاني والتي تستهدف تنفيذ عمل معين أو الامتناع عنه بصورة مخالفة

للقانون.

وبالنسبة للمرتشي: يجب أن تتوجه نية للاتجار بوظيفته ومدركا وعالما وقت الطلب

او القبول أو التسليم أن هذا الثمن هو مقابل قيامه بعمل أو الامتناع عنه والذي يدخل ضمن

وظيفته

كما أنه مجرد استغلال الموظف لوظيفته للحصول على فائدة غير مشروعة من

ورائها حتى وأن لم تتوافر لديه نية الاتجار بالوظيفة، فهو يسأل جنائيا. أما إذا وضع

صاحب الحاجة )الراشي( مبلغا من النقود في درج مكتبه دون علمه فلا يتحقق هنا القصد

الجنائي للموظف.

18

أما بالنسبة للراشي فيلزمه أيضا القصد الجنائي القائم على العلم والإدراك بأنه يتجه بفعله

إلى الموظف العمومي أو من يكون في حكمه، لكي يجبره أو يكرهه أو بوعد أو طلب على

القيام بعمل أو الامتناع عنه.

حيث أن الراشي يجب أن تتجه إرادته إلى إحداث الفعل المادي ونتيجته.

والملاحظ أن إثبات القصد الجنائي في هذه الجريمة ليس بالأمر الهين، خاصة حينما

تقوم الرشوة على وعد شفوي، ويمكن إثباته بجميع طرق الإثبات كالإقرار والشهادة

والقرائن التي تستنتج من الظروف والملابسات من كل نازلة

 

 

 

 


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال